لأول مرة هذه الدولة.. انتشار زراعة نبتة الذهب الأحمر وسعر الكيلو الواحد يصل إلى 20 ألف دولار.. شاهد
لأول مرة هذه الدولة.. انتشار زراعة نبتة الذهب الأحمر وسعر الكيلو الواحد يصل إلى 20 ألف دولار.. شاهد
توجه العديد من السكان في الشمال السوري سواء من أهالي المنطقة أو النازحين إليها في الآونة الأخيرة إلى البحث عن زراعات بديلة تؤمن لهم مردوداً مادياً جيداً، وذلك بعد سيطرة النظـ.ـام على معظم الأراضي الزراعية الخصبة شمال محافظة حماة وجنوب محافظة إدلب.
وركز معظم الأهالي في المنطقة على التوجه لزراعة النباتات العطرية وأزهار الزينة، نظراً لأنها نباتات تدر أرباحاً ممتازة على من يزرعها بأقل جهد وتكلفة ممكنة.
ومن بين أهم النباتات التي لجأ الأهالي إلى زراعتها لأول مرة شمال سوريا، هي زراعة “الزعفران” أو ما يعرف لدى معظم الناس تحت مسمى “نبتة الذهب الأحمر” نظراً للعائدات المالية الكبيرة التي يجنيها المزارعون منها، الأمر الذي جعلهم يشبهونها بالذهب.
وبحسب تقارير إعلامية فإن “نبتة الذهب الأحمر” أو الزعفران تعتبر من النباتات العطرية الفريدة من نوعها التي تدر آلاف الدولارات على العاملين بزراعتها، وذلك لأنها نبتة مطلوبة عالمياً، حيث تسعى كبرى الشركات حول العالم للحصول عليها.
وأوضحت التقارير نقلاً عن متخصصين في الشأن الزراعي شمال سوريا، أن انتشار زراعة نبتة الذهب الأحمر في الشمال السوري أمر جيد للمنطقة، لاسيما أن زراعة هذا النوع من النباتات يعد مشروعاً تنموياً صغيراً نسبة نجاحه مضمونة بشكل تام.
وحول تجربة زراعة نبتة الذهب الأحمر لأول مرة شمال سوريا أشار الأستاذ الجامعي “أسامة سلات” في حديث لموقع “أورينت نت” أن التجربة الأولى في زراعة نبتة الزعفران في الشمال السوري انطلقت من مدينة “بنش” التابع لمحافظة إدلب.
وبيّن “سلات” أن زراعة هذه النبتة في المنطقة الشمالية من سوريا تعبر وليدة ودخيلة إلى قائمة المزروعات التي اعتاد أهالي المنطقة على زراعتها في السابق.
ولفت إلى أن فكرة زراعة نبتة الذهب الأحمر شمال سوريا بدأت بسبب معـ.ـاناة المزارعين في المنطقة من كساد محاصيلهم ومزروعاتهم، لاسيما الصيفية منها نظراً لكثرة الزراعة وعدم وجود أسواق لتصريف الكميات المنتجة.
وأضاف أنه نظراً لما سبق كان لا بد من التفكير بزراعات بديلة تضمن أن يحقق المزارعون عائدات ثابتة ومستقرة تساهم في زيادة النشاط الاقتصادي في المنطقة عموماً.
ونوه “سلات” في معرض حديثه إلى أنه في البداية واجه العديد من الصعوبات حين بدء بتنفيذ فكرة زراعة نبتة الذهب الأحمر أو الزعفران شمال سوريا في الآونة الأخيرة.
وأوضح أن من أبزر تلك الصعوبات هي سعر البصيلات المرتفع جداً بالمقارنة مع دخل المزراعين في الشمال السوري، منوهاً أنه من الصعب زراعة الذهب الأحمر في المساحات الواسعة شمال سوريا إلا للأشخاص الذين يملكون رأس مال كبير.
وأفاد “سلات” إلى أن سعر البصيلة الواحدة من نبتة الزعفران يصل إلى حوالي 25 دولار أمريكي، وذلك لصعوبة استخراج البصيلة من أزهار الزعفران التي تتكون من ثلاث شعيرات.
وذكر كذلك الأمر أن ارتفاع سعر أزهار الزعفران يعود إلى كثرة الطلب عليه عالمياً من قبل الشركات الكبيرة حين يدخل الزعفران في صناعة الكثير من الأدويـ.ـة، فضلاً عن استخدامه كمنهكات.
وأشار “سلات” أيضاً إلى أن “الزعفران” يعد من أكثر التوابل غلاءً حول العالم، حيث يتراوح الكيلو الغرام الواحد منه بين 5 حتى 20 ألف دولار أمريكي، بحسب جودة أزهار الزعفران وطريقة تجفيفه.
وختم حديثه مشيراً إلى وجود مختبرات متخصصة تقوم بتحديد سعر الزعفران وفقاً لعدة عوامل، منوهاً أن سعر الغرام الواحد منه يباع في بعض دول المغرب العربي بسعر قريب من سعر غرام الذهب.
وأما بالنسبة لطريقة زراعة نبتة الذهب الأحمر أو الزعفران والأجواء والتربة الملائمة لنجاح زراعته، بيّن المهندس الزراعي “تيم العلي” في حديث لأورينت نت، أن زراعة الزعفران تبدأ عملياً في شهر سبتمبر/ أيلول حتى منتصفه، بحسب طبيعة المنطقة.
وأضاف المهندس الزراعي أن التربة المناسبة لزراعة نبتة الذهب الأحمر أو الزعفران هي التربة الرملية، مبيناً أن التربة الطينية لا تنجح فيها عادة زراعة هذا النوع من النباتانت.
ولفت “العلي” إلى أنه من المفضل وضع السماد العضوي بمتوسط 2.5 طناً لكل دونم واحد مزروع، مشيراً أنه يمكن زيادة أو نقصان الكمية وفقاً لجودة التربة المزروعة.
وأوضح أن زراعة الزعفران تعتبر من الزراعات المقتصدة للمياه، إذ يقوم المزارع بسقايته عبر استخدام أنابيب التنقيط مرتين كل أسبوع خلال الأشهر الدافئة ومرة واحدة فقط في الأسبوع خلال الأشهر الباردة.
وحول طريقة زراعة وتوزيع البصيلات في الأرض، أشار “العلي” إلى أن البصيلات يجب أن تكون موزعة على شكل منصات بعرض واحد متر وطول لا يتعدى الخمسين متراً.
ولفت إلى أن المسافة بين المنصات يجب أن تكون جوالي أربعين سم، وذلك من أجل توفير مساحة للمشي عليها أثناء جني المحصول والقيام بالأعمال الزراعية الأخرى، مثل الري العناية بالأرض وإزالة الأعشاب الضارة.
كما أكد على أهمية إزالة الأعشاب التي تنافس الزعفران على الماء والضوء والعناصر المعدنية، منوهاً أن أفضل طريقة لذلك هي إزالة الأعشاب يدوياً.
وحذر كذلك الأمر من استخدام المبيـ.ـدات الحشرية، حيث نصح المزارعين أيضاً بأهمية حرث الأرض سطحياً من فترة لأخرى، وذلك من أجل توفير التهوية اللازمة والمساحة الملائمة لكبر البصيلات.
وبحسب خبراء مختصين في مجال الزراعة، فإن موسم قطاف أزهار نبتة الذهب الأحمر أو الزعفران يبدأ عادةً بعد نحو 60 يوماً من زراعة البصيلة في الأرض.
وأوضح الخبراء أن المزارعين يقومون في البداية بقطاف المياسم بشكل يومي في الصباح الباكر، حيث تترك البصيلات حتى الشهر الخامس أو السادس، وذلك من أجل أن تتضاعف لثلاثة أضعاف.
ولفتوا إلى أن المرحلة التي تلي ذلك يقوم المزارعون بنزع المياسم ووضعها فوق ورق نظيف وأمام أي نوع من أنواع المصادر الحرارية من أجل أن تجف المياسم في وقت سريع.
ووفقاً للخبراء فإن تجفيف المياسم بهذه الطريقة يرفع من جودة الزعفران إلى أعلى مستوى، حيث يقوم المزارع بعد عملية التجفيف بحفظ الزعفران في وعاء مصنوع من الزجاج بحيث يكون جافاً وبعيداً عن الإضاءة.
وبعد ذلك يقوم المزارعون بتخزين الزعفران لمدة تصل إلى أربعين يوماً، حيث أكد الخبراء أن هذا الزمن هو الزمن الكافي الذي يسمح لأزهار الزعفران بالحصول على كامل الخصائص التي تميزه، مثل الطعم واللون والرائحة.
وبحسب ما يراه معظم الخبراء المتخصصين في مجال الزراعة والمهندسين الزراعيين، فإن من الأمور الأكثر أهمية عند التوجه إلى زراعة نبتة الذهب الأحمر أو الزعفران، هو اختيار المكان المناسب والملائم لزراعة هذه النبتة الفريدة من نوعها.
وأكد المختصون أنه كلما كان المكان أفضل ومناسب أكثر لزراعة الزعفران كلما كانت العوائد المالية والأرباح أكبر وبشكل مضاعف في بعض الأحيان.
وأوضح الخبراء أن أفضل الأماكن التي يمكن زراعة الزعفران فيها بنجاح هي الأراضي التي تكون مرتفعة عن سطح البحر بمقدار يتراوح بين 600 حتى 1400 متراً.
وختم المختصون حديثهم مؤكدين أن معيار الارتفاع الأمثل عن سطح البحر ينطبق على العديد من المناطق شمال سوريا التي من الممكن أن تنجح فيها زراعة نبتة الذهب الأحمر أو الزعفران، لاسيما المناطق القريبة من مدينة إعزاز شمال حلب أو مناطق ريف مدينة سلقين شمال إدلب.