تركيا

أكثر دقّة من “ريختر”.. مقاييس حديثة لـ معرفة شدّة الزلازل.. شاهد

يرتبط اسم “ريختر” بالزلازل، ويُعرف بأنّه أحد أدقّ المقاييس في العالم وأكثرها انتشاراً في تحديد ومعرفة درجات الزلازل، لكنّه ليس أكثرها دقّة.

ورغم أن الممارسة العلمية الحديثة استعاضت عن “مقياس ريختر” الأصلي بمقاييس أخرى أكثر دقةً، ولكنّه ما يزال يُذكر في التقارير الإخبارية المتعلّقة بخطورة الزلازل وقياس الهزّات الارتدادية، التي ما تزال مستمرة منذ كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، فجر الإثنين الفائت، وتسبّب بدمار هائل في البلدين، وأوقع عشرات آلاف الضحايا

ما هو “مقياس ريختر” الشهير؟

يُنسب “مقياس ريختر (Richte scale)” الشهير في تاريخ الزلازل، إلى العالم الأميركي تشارليز فرانسيس ريختر، الذي اخترعه عام 1935، وأجرى عليه تطويرات وتحديثات لاحقة.

ويعرف “ريختر” بأنّه “مقياس كمّي/لوغاريتمي يُستخدم لـ قياس شدة الزلازل أو مقدار قوتها، من خلال تحديد مقدار ارتفاع أكبر موجة زلزالية رُصدت على مسافة محدّدة من المصدر الزلزالي عند حدوث الزلزال”.

ويتدرّج المقياس من درجة واحدة إلى 10 درجات، بحيث تعني كل زيادة مقدارها “1 ريختر” زيادة قوة الزلزال عن الوحدة الأصغر بمقدار 10 أضعاف، على سبيل المثال: الزلزال الذي تبلغ شدته (2 ريختر) تكون قوته عشرة أضعاف الزلزال الذي تبلغ شدته (1 ريختر)، وبالتالي هو أقوى بـ10 مرّات وليس الضعف.

وأشارت مواقع أُخرى، بأنّ “مقياس ريختر” ذو قاعدة من 10 (Log10)، ما يعني أن كل زيادة بمقدار درجة واحدة تقابله زيادة بمقدار (31.6 ضعفاً) في الطاقة الزلزالية المنبعثة، على سبيل المثال: الزلزال الذي بلغت قوته 5.0 درجات، هو أقوى بنحو 32 مرّة من زلزال قوته 4.0 درجات.

وإحساس البشر يتفاوت بدرجات الزلازل طبقاً لمستواها على “مقياس ريختر”، فبينما لا يشعر الإنسان عادة بالدرجتين الأولى والثانية، فإنه يحس بالزلازل وتأثيرها إذا وصلت إلى 3 درجات فما فوق، أما الزلازل التي تفوق الدرجة السابعة فهي غالباً مدمّرة.

  • مستوى درجات الزلزال على “مقياس ريختر”

بحسب المواقع الراصدة للزلازل والبراكين، فإنّ “مقياس ريختر” صُمّم في الأصل لـ قياس شدّة الزلازل المتوسطة، التي تتراوح بين 3 إلى 7 درجات فقط، إلا أنّ وقوع زلازل أكثر قوةً لاحقاً، أدّى إلى تطوير المقياس بهدف قياس شدّة أعلى.

  • من الطفيف إلى الرهيب

في المجمل إنّ كانت شدة الهزّات تتراوح بين درجة إلى 3 درجات، فإن لا أحد يشعر بها، أمّا إذ كانت درجتها 4 فتسمى “طفيفة“، أي التي يشعر بها البعض ولكنها لا تسبب أي أضرار تذكر، ومن 4 إلى 6 يعد زلزالاً متوسطاً، بينما من 6 إلى 7 يعد زلزالاً كبيراً أو قوياً، ومن 7 إلى 9 يعد زلزالاً ضخماً ومدمّراً، ومن 9 إلى 10 يعد زلزالاً رهيباً ويعني حدوث (زلزال عظيم).

يشار إلى أنّه لم تُسجَّل 10 درجات أبداً على هذا المقياس في تاريخ الزلازل، وأنّ أكبر الزلازل المسجّلة في التاريخ بلغت قوته (9.5 درجات على مقياس ريختر)، وقد وقع في تشيلي بتاريخ 22 من أيار 1960، كما وقع زلزال بقوة (9.15 درجات) قبالة جزيرة سومطرة، وأحدث أمواج مد عاتية (تسونامي) امتدت إلى إندونيسيا وتايلاند والهند وسريلانكا ودول كثيرة في المنطقة، وتسبّب في تدمير القرى والجزر السياحية وإسقاط قرابة 230 ألف قتيل أو مفقود.

أهم مقاييس الزلازل التي يعتمد عليها العلماء

بحسب وكالة “The New Humanitarian“، إن كان “ريختر” الأشد شيوعاً واستخداماً على الصعيد الإعلامي، فإنّ هناك عدة مقاييس لمعرفة شدة الزلازل والهزّات الأرضية، التي يمكن أن تسبّب كوارث هائلة على الصعيد البشري والمادي، وأنّه يوجد طرق قياس ديناميكية طغت على “ريختر”، منذ تطويره قبل أكثر من 70 عاماً.

  • مقياس العزم الزلزالي (MW)

يعدّ مقياس درجة العزم أو العزم الزلزالي (MW) الأكثر شيوعاً لـ حساب حجم وكمية الطاقة المنبعثة من الزلزال من مكان مصدره، جرى تطويره في السبعينيات من قبل هيرو كاناموري، الأستاذ الفخري في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

مقياس درجة العزم الزلزالي
“مقياس درجة العزم الزلزالي” يقيس الزلازل مهما كان عمقها (تويتر)

وصُمّم “مقياس درجة العزم” ليخلف العديد من المقاييس، من ضمنها “مقياس ريختر”، الذي يعود إلى حقبة الثلاثينيات، والذي استند نموذجه فقط إلى جيولوجيا كاليفورنيا الأميركية، والتي تكون معظم الزلازل الواقعة فيها غير عميقة.

ويوفّر “مقياس درجة العزم الزلزالي” قياساً أكثر تناسقاً للزلازل مهما كان عمقها عن طريق الأخذ بالاعتبار المنطقة الفعلية لتمزّق خط الصدع، حيث يقول في هذا السياق، تاكيشي كويزومي – عالم الزلازل في وكالة الأرصاد الجوية اليابانية – إنّه “ما تزال وسائل الإعلام تتحدث عن مقياس ريختر خلال تغطيتها الإخبارية للزلازل، ولكن العلماء يستخدمون درجة العزم فقط. ويمكن حساب درجة العزم بصيغ مختلفة”.

وأضاف “كويزومي” أنّ هذه البيانات تعتبر مهمة جداً لعلماء الزلازل عند التنبؤ بـ”أمواج تسونامي” وغيرها من المخاطر الناجمة عن الزلازل.

  • مقياس ميركالي المعدل (MMI)

على عكس “مقياس ريختر” و”مقياس درجة العزم”، اللذين يقيسا حجم الزلزال من حيث الحجم، يصف “مقياس ميركالي” معدل الزلازل من حيث الشدة والتأثير (مدى الشعور بالاهتزاز ومستوى الضرر في موقع محدد)، إذ تُستخدم الأرقام العادية لوصف الحجم، بينما تُستخدم الأرقام الرومانية للتعبير عن الشدة.

وبحسب لبيرانان توواشيرابورن – مهندس الزلازل في المركز الآسيوي للتأهب للكوارث – فإن كثيراً من الناس يعتقدون أن الزلازل عالية القوة يجب أن تؤدي إلى أضرار أكبر، ولكن هذا ليس هو الحال دائماً، لأنّ الأمر يعتمد على الموقع، إذا كنت بعيداً عن مركز الزلزال، فقد تكون شدته منخفضة وقد تشعر بقليل من الاهتزاز.

وأشار “تواشيرابورن” إلى أن الزلزال الذي وقع بقوة 6.1 درجات قرب كرايستشيرتش في نيوزيلندا، شهر شباط 2011، دليل على أن الاعتماد على قياس القوة وحده قد يكون مضللاً، موضحاً أنه “يمكن لزلزال معتدل لا تتعدى قوته 6.1، أن يسبّب أضراراً كبيرة وخسائر في الأرواح، إذا حدث على عمق ضحل وكان قريباً جداً من منطقة مكتظة بالسكان”.

  • مقياس شدّة الزلازل (شيندو) الياباني

مثل “مقياس ميركالي المعدّل”، فإنّ “مقياس شيندو” التابع لـ وكالة الأرصاد الجوية اليابانية، يقيس شدّة الزلزال، ولكن الاختلاف الوحيد بينهما هو أن المقياس الياباني يقيس الشدة من 0 إلى 7، بينما يمتد المعدل من 1 إلى 12.

وبينما يُستخدم “مقياس ميركالي المعدل” في مختلف أرجاء العالم، فإن “مقياس شيندو” يُستخدم فقط في اليابان وتايوان، وهو يقدم أسرع معلومات عن الزلازل في العالم.

مقياس شيندو

ويعمل “مقياس شيندو” على تحديد التقدير الأولي للشدة بعد وقوع الزلزال بنحو 1.5 دقيقة فقط، ومن ثم بعد بضع ثوانٍ يُصدر تحذيراً للسكّان على شاشة التلفاز لأخذ الحذر، فضلاً عن تركيب عدّادات شدة الزلازل في كل مناطق اليابان وتايوان.

مَن يقيس الزلازل أفضل.. الشدّة أم الحجم؟

  • التقييم الفوري للزلازل العالمية من أجل الاستجابة (PAGER)

الجدل المستمر، منذ عقود، عمّا إن كان مقياس الشدّة أم مقياس الحجم هو مَن يوفّر أفضل قياس دقيق للزلازل، دفع هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، عام 2010، إلى تطوير نظامٍ وتقنية جديدة للتقييم الفوري للزلازل العالمية من أجل الاستجابة.

تعمل هذه التقنية على تقييم مدى توزيع الهزّات الأرضية وعدد الأشخاص والمجتمعات المتضررة وحجم الوفيات والخسائر الاقتصادية المحتمل التعرض لها، وذلك عبر الأخذ بعين الاعتبار: (التركيبة السكانية، أنواع المباني، بيانات الحالة الاقتصادية، الضحايا) التي جُمعت من الزلازل السابقة.

ونظام “التقييم الفوري للزلازل العالمية من أجل الاستجابة (PAGER)“، ما يزال جديداً بالنسبة للكثير من الناس، ولكن المعلومات التي يقدّمها مفيدة للحكومات ووكالات المعونة.

PAGER
يقدّر “PAGER” حجم الأضرار وفق مستويات مرمّزة بالألوان (USGS.GOC)

وبالإضافة إلى تقديم بيانات خاصة بتخفيف الآثار بعد وقوع الكارثة، فإنّ هذا النظام يتفوّق على أنظمة القياس الأُخرى عن طريق توفير المعلومات التي تساعد على الاستعداد للزلازل، حيث يُسلّط الضوء على أضعف الهياكل التي تحتاج إلى تحسين، وهذا أمر مهم خصوصاً بالنسبة للبلدان النامية التي لا يتبع فيها الناس دائماً قوانين البناء بشكل سليم.

ورغم ذلك، فإنّ النظام الجديد – بحسب خبراء – ما يزال يحتاج إلى المزيد من الوعي من قبل الحكومات والأوساط العلمية ووسائل الإعلام، لأنّ قياس القوة والكثافة (الشدّة والحجم) وحدهما لا يكفي للتعبير عن مدى خطورة الزلازل”.

موقع كامسترو للسياحة العالمية من أفضل المواقع فى مجال السياحة انصح بزيارتة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى