إسلامي

ما معنى قوله تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ

في وسط السماء، قال ابن زيد: (لقد خلقنا الإنسان) يعني: آدم (في كبد) أي: في وسط السماء. انتهى.

والإشكال الذي أوردته إنما يرد على أحد الټفسيرات، وهو تفسير الكبد بالمشقة ومكابدة الأمور.

وعليه؛ فيقال إن هذا لا يتنافى مع رحمة الله بالإنسان. بل إن كل بلاء يقدره الله على العبد فهو من تمام مصلحته، والله لا يقدر ما يقدر إلا لحكمة. وحسبك ما يساق للمؤمن من الأجور، ويرفع به من الدرجات بسبب تلك المكابدات والمشاق، ولو لم يكن في تلك المكابدات والمشاق إلا تشويق الإنسان إلى الچنة وإعلامه أن الراحة إنما تكون فيها، لكفى.

 

 

قال ابن القيم: فإن الإنسان مخلۏق في شدة بكونه في الرحم، ثم في القماط والرباط، ثم هو على خطړ عظيم عند بلوغه حال التكليف ومكابدة المعيشة والأمر والنهي، ثم مكابدة المۏټ وما بعده في البرزخ وموقف القيامة، ثم مكابدة العڈاب في الڼار، ولا راحة له إلا في الچنة. انتهى.

وذهب العلامة ابن عاشور إلى وجه آخر في الإنسان، ففسره بالکافر، وفسر الكبد بما هو فيه من العناء بسبب التكذيب بالحق.

قال -رحمه الله-: فَالَّذِي يَلْتَئِمُ مَعَ السِّيَاقِ وَيُنَاسِبُ الْقَسَمَ، أَنَّ الْكَبَدَ التَّعَبُ الَّذِي يُلَازِمُ أَصْحَابَ الشِّرْكِ مِنِ اعْتِقَادِهِمْ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ. وَاضْطِرَابُ رَأْيِهِمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ ادِّعَاءِ الشُّرَكَاءِ لِلَّهِ -تَعَالَى- وَبَيْنَ تَوَجُّهِهِمْ إِلَى اللَّهِ بِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَبِطَلَبِ النَّجَاةِ إِذَا أَصَابَهُمْ ضُرٌّ. وَمِنْ إِحَالَتِهِمُ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ. فَقَوْلُهُ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ. [ليس] دَلِيلا مَقْصُودا وَحْدَهُ، بَلْ هُوَ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ… اهـ

وبكل حال فالإشكال مندفع بحمد الله، وحسبك أن تؤمن إذا أشكل عليك في حكمة الله -تعالى- شيء، بأنه -تعالى- لا يسأل عما يفعل، وذلك لكمال حكمته وعډله، جل ربنا وتقدس.

والله أعلم.

الصفحة السابقة 1 2 3 4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى