غير مصنف

قصة معبرة وواقعية ارحموا عزيزًا ذل

اسمعوا هذه القصة :
كان فيما مضى شاب ثري ثراءً عظيماً وكان والده يعمل في تجارة الجواهر والياقوت، وكان الشاب يؤثر أصدقاءه أيّما إيثار وهم بدورهم يجلّونه ويحترمونه بشكل لا مثيل له.


ودارت الأيام دورتها، ومات والد الشاب، وافتقرت العائلة، فبدأ الشاب يبحث عن أصدقاء الماضي فعلم أن أعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه، وأكثرهم مودةً وقرباً منه قد أثرى ثراء لا يوصف، وأصبح من أصحاب القصور والأملاك والأموال.
فتوجه إليه عسى أن يجد عنده عملاً أو سبيلاً لإصلاح حاله، فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم، فذكر لهم صلته بصاحب الدار وما كان بينهما من مودة قديمة.


فذهب الخدم وأخبروا صديقه بذلك فنظر إليه ذلك الرجل من خلف ستار ليرى شخصًا رث الثياب عليه آثار الفقر فلم يرض بلقائه، وأخبر الخدم بأن يخبروه أن صاحب الدار لا يمكنه استقبال أحد.


فخرج الرجل والدهشة تأخذ منه مأخذها، وهو يتألم على الصداقة كيف ماتت وكيف للمروءة أن لا تجد سبيلها في نفوس الأصدقاء.


فترك المكان وذهب بعيداً، ولما اقترب من دياره صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة وكأنهم يبحثون عن شيء.
فقال لهم ما أمر القوم ؟


قالوا له : نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان وذكروا اسم والده، فقال لهم إنه أبي وقد مات منذ زمن، فحوقل الرجال وتأسفوا، وذكروا أباه بكل خير، وقالوا له إن أباك كان يتاجر بالجواهر وله عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة.


فاخرجوا كيسا كبيراً قد مُلئ مرجانا فدفعوه إليه ورحلوا والدهشة تعلوه وهو لا يصدق ما يرى ويسمع، ولكنه تساءل: أين من يشتري المرجان، فإن عملية بيعه تحتاج إلى أثرياء، والناس في بلدته ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة!
مضى في طريقه ثم صادف امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والخير .


فقالت له: يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم؟
فتسمر الرجل في مكانه، ثم سألها عن أي نوع من المجوهرات تبحث.


فقالت : أريد أحجارا كريمة رائعة الشكل ومهما كان ثمنها.
فسألها: وهل يعجبك المرجان؟


فقالت له : نِعمَ المطلب!
فأخرج بضع قطع من الكيس، دهشت المرأة ودفعت له ثمنها..
وهكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر!


وعادت تجارته تنشط بشكل كبير، فتذكر بعد حين ذلك الصديق الذي ما أدى حق الصداقة فبعث له ببيتين من الشعر يقول فيهما؛


صحبتُ قوما لئاما لا وفاء لهم
يدعون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى


وحين أفلستُ عدوني من الجهل
فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات كتب على ورقة ثلاثة أبيات وبعث بها إليه جاء فيها:

أما الثلاثة قد وافوك من قبلي
ولم تكن سببا إلا من الحيل
أما من ابتاعت المرجان والدتي


وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل
لكن خشينا عليك وقفة الخجل !


يا للنفوس الجميلة، التي ترقع بإتقان ثقوب الناس، ترمم بخفاء كسور خواطرهم، وتجبر برفق كل شرخ في نفوسهم، تؤدي جميل المعروف والإحسان وتتوارى بعيدًا عن نظرة عين المحسن إليهم ولسانهم يلهج بقوله تعالى ( رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى