غير مصنف

قصة رائعة حكاية نعمّان ابن السلطان

حكاية نعمان من الجزء السادس إلى الجزء الاخير
…. ظهر الإنزعاج على وجه الوزير فالسلطان أصبح يفتقد إلى الحكمة وما قاله القرويون صحيح فكل النّاس الآن ناقمة عليه سيده ولولا فرسانه لثاروا على حكمه

فقال: أصلح الله مولاي أرسل فرقة من جيشك وسيهرب أولئك البدو لكن السلطان قال : كفى هراء لن يكف ذلك لإيقافهم والخسائر ستكون كبيرة وأنا بحاجة إلى كل فرد لما تحين المعركة مع نعمان هل فهمت أيها الأحمق؟

ابتلع الوزير الإهانة وسأله : هل يأذن سيدي أن أقترح حلا يرضيه أشار له السّلطان أن يتكلم فقال له: لو طلبنا من نعمان مهاجمة البدو في الصحراء فإنهم سيرجعون للدفاع عن خيامهم فإن قتلوا الولد إسترحت منه وإن هزمهم تخلصت من البدو

حك السّلطان ذقنه وقال : ولكن كيف سنقنعه بذلك وهو يعلم أني أحقد عليه ؟

أجاب الوزير :وهو يبتسم : تعترف أنه ابنك وهذا لن يكلفك شيئا مجرد كلام في الهواء

وقف السلطان وأشار له بإصبعه وقال : لقد قررت أن أجعلك مستشاري وأطرد أولك المشائخ الذين أوصوا بالتصالح مع إبني وتوحيد المملكة لكن في جميع الحالات فأنا من سيخرج منتصرا لو تحارب نعمان مع البدو

سأكتب لك رسالة تحملها إليه على جناح السرعة قبل أن ينهب أولئك الأوغاد قرى جديدة

وصلت الرسالة لنعمان فادهش لما جاء فيها فأبوه يعترف به وريثا له ويسامح أمه لكنه لم يحس بالفرحة فالناس الذين معه يثقون فيه ولا يريد زجهم في حرب لا تخصهم

فكر قليلا ثم ذهب إلى ملك الجن وحكى له عن ما يشغل باله فأجابه: لو لم تتحرك للدفاع عن مملكتك لاستاءت الرعية من ضعفك وخسرت محبتها لك فلا تضع الفرصة واضرب البدو في عقر دارهم فهم لا يتوقّعون مجيئك وسنساعدك بالسلاح فلنا الكثير منه وسيكون رجالي تحت أوامرك

فهيا أسرع ولا تضع الوقت

أطلق نعمان النفير وجمع ما قدر عليه ثم زحف بجيشه من الإنس والجن وكان يعرف أن أكثر من معه ليسوا من المقاتلة لذا لن ينتصر إلا إذا إستعمل الحيلة

فاقترب من مضارب أكبر قبائل البدو في الظلام وقال للجن : أنتم لا تحسّ بكم الكلاب لذلك ستسوقون جمالهم وخيلكم ثمّ تلقون مشاعلكم على الخيام، وتهربون

وفي نصف الليل كان أهل القبيلة يصرخون ويصبون الماء على الخيام التي إحترقت بما فيها من طعام وأغراض

ولما طلع الصباح تبّددوا في الصحراء وأشرفوا على الهلاك فجاء نعمان إلى ساداتهم وقال :لقد هزمتكم بسهولة ودون حرب فإن وعدتم بالكف أنتم وبقية القبائل عن مهاجمة القرى

فسأعطيكم ماء وطعاما وأرجع لكم أموالكم وسأرسل لكم قافلة من التمر والرمان فلا شك أنكم سمعتم عنه وأرضي لا تعرف الفقر تشاور القوم ثم أجابوا بالقبول

وبعد أيام توقفت الغارات وجاءت قافلة عظيمة محملة بالماء والخيرات والكباش والماعز وأصبح نعمان صديقا لزعماء البدو بعدما رأوا أنه قد أوفى بوعده وازدادت شعبيته بين النّاس بعد هذا الانتصار الذي تم دون إراقة الدماء .

أما السلطان فقال : كلما نصبت فخا لذلك الولد خرج منه أقوى مما كان عليه من قبل والآن أصبح ولي العهد لكن لن أدعه يربح، لذلك يجب أن أعرف ما هو سر قوته ؟

أنا متأكّد أنّ هناك من ساعده في الذهاب إلى أرض الأغوال وفي أسر حرسي الأقوياء وفي حربه ضد البدو فكيف دخل خيامهم دون أن تحس الكلاب ؟

ثم استدعى كبار السحرة الذين أخذوا يهمهمون ويعزمون ثم قالوا له :لقد عرفنا سر قوّته إنهم قبيلة من الجن المسلم الذين جاءوا وسكنوا قصرا مهجورا تحيط به الأراضي ولسيدهم بنت صغيرة يحبها حبا شديدا

صاح السلطان عرفت كيف أفعل لأقضي على مصدر قوته سأختطف إبنة ملك الجن وأجعلها رهينة عندي وبذلك سيفكر أبوها مرتين قبل أن يقرّر مساعدته في المجيئ إلى قصري

حكاية نعمان الجزء السابع
….. في أحد الأيّام جاء رجل بحمار عليه زنبيلين أحدهما مملوء بالحلوى والآخر فارغ واقترب من القصر ثم أخذ يصيح : أنا حلواني أصنع أطيب الحلقوم بالفستق وماء الورد وكعك اللوز تعالوا تذوقوا

فتجمع النّاس حوله،وبدأوا يشترون وهم يشكرون بضاعته وكانت الجنية الصغيرة تطل من النافذة واشتهت أن تأكل من تلك الحلوى الذيذة المتعددة الألوان فتردّدت قليلا

ثم نزلت تجري و فتحت الباب لما رآها الحلواني قال لها : تعالي يا بنية وخذي ما تشائين من ذالك لكن حين نظرت البنت وجدته فارغا وقبل أن تتكلّم دفعها الرجل في ظهرها

فوجدت نفسها مكومة داخله ثم رمى عليها غطاء شده بإحكام وهمز الحمار الذي سار بسرعة

رجع نعمان من البستان فتعجب من وجود الباب مفتوحا وسأل أمّه : يبدو أن أحدا ما قد خرج وهذا شديد الغرابة فالجن يعيشون تحت القصر والأيتام الذين نرعاهم صغار وعليهم من يحرسهم لكني سأسئل ظريفة فهي الوحيدة التي يمكنها الصعود إلى القصر واللعب فيه لأنها إبنة الملك

إلتفت نعمان حوله ناداها لكن لم يجبه أحد فبحث في كل القصر وبدأ يتحير فهي لا توجد في أي مكان ثم ذهب إلى أبيها وسأله لكن لم يرها طول النهار

وخرج الجن وعادوا بعد قليل وقالوا :لقد :كان هناك بائع حلوى قرب باب القصر ولقد رحل بسرعة

ضرب نعمان كفا بكف وقال: لا داعي أن تبحثوا عنها فلقد خطفها أحدهم وأعرف من قام بذلك

ظهرت الدموع في عيني ملك الجن وقال لنعمان : سأعطيك ما تريد أحضر لي فقط إبنتي أرجوك ثم بدأ يبكي

قال الفتى: إهدأ ،فالسلطان يفعل كل شيئ لأجل العرش وهو يخشى اتفاقنا ضده والله يعلم أني لم أفكر في ذلك رغم تأييد الأمراء لأتولي الحكم ،

فلقد أصبح أبي يشكّ في كل من حوله ويخاف حتى من ظله لكن إسمع سأخبرك عن سر هناك جاسوس في القصر وسأكتب إليه لكي ينقذ ظريفة ويخفيها في مكان آمن.

ظهرت الراحة على ملك الجن وسأله :هل تثق في ذلك الشخص

أجابه نعمان : كل الثقة

وضع الملك البنت في حجرة صغيرة داخل برج مرتفع لكي لا تقدر على الهرب وكان هناك خادم أكبر منها ببعض السنوات يأتيها بطعامها كل يوم ولاحظت أنه لطيف جدا معها

ودائما يحضر لها في جيبه الحلوى التي تحبها

وفي أحد الأياّم قال لها سآتي في الليل لإخراجك فاليوم يقيم الملك حفلة ويكون الجميع منهمكين في الأكل والشرب

وأنت تلبسين ثياب الجواري وأنقلك لمكان في القصر لا يعرفه سواي

سألته : لماذا تريد إنقاذي ؟

رد عليها : لقد طلب مني نعمان ذلك هل استرحت ؟

فرحت الجنية الصغيرة وشعرت بالاطمئنان وفي الموعد المحدد جاء الولد ثم أطل من الشباك ورمى حبلا

فقالت له : لا أستطيع النزول من هناك

ضحك الخادم وقال : هذا لكي نخدع القوم والآن ضعي هذه الملابس وسأنتظرك أمام الباب وحين خرجت لم يكن أحد يميزها عن جواري السلطان

كان الحارس نائما وفي يده قنينة نبيذ فجريا حتى وصلا البهو وهناك اندسّا وسط المدعويين وبعد قليل نزلا درجا يقود إلى أسفل القصر وكانا يسمعان من فوق صوت الفتيات وهن يغنين ثم وقف الخادم وفتح بابا لا يكاد يظهر

وقال لها: أدخلي الآن فهذه غرفتي التي أعيش فيها .

ثم أشعل مصباحا فرأت ظريفة مكانا أنيقا مفروشا بالزرابي فسألته بدهشة، من أين لك المال لتشتري هذا الأثاث الغالي؟

إبتسم ثم قال : ستعرفين كل شيئ في أوانه هذا القبو قديم جدا وكان يختفي فيه الملوك عند وقوع ثورات ويدخله الهواء وفيه بئر ماء

ومنذ زمن طويل لم يعد أحد يأتي إلى هنا بعدما فتحوا سردابا يقود إلى خارج المدينة كوني مطمئنة فلا أحد يعرف دهاليز القصر وأسراره أكثر مني

الجزء الاخير
في الصباح جاء الخادم للسلطان وقال له : لقد هربت ظريفة ويبدو ان أحدا قد ساعدها فجن الرجل وجرى إلى البرج فرأى الحبل يتدلى من النافذة فأمر رجاله بإغلاق المدينة وتفتيش البيوت

وكان السّلطان غاضبا وجمع كل من في القصر ليسألهم وهدد بتعذيبهم إن لم يتكلموا ولما جاء دور الخادم واسمه حسن قال له :لقد جاع الناس بسبب نبوءة أفسدت تدبيرك وصنعت بسببها عدوا واليوم سيتحقق ما كنت تخشاه يا مولاي

كان السلطان يستمع بدهشة وهو يتميز غيضا ثم صاح : أنت إذا هو الخائن الذي ينقل أخباري

ثم ضحك وقال :أخبرنا إذا أيها الأحمق كيف ستتحقق النبوءة ونعمان بعيد عني ودونه الوديان والجبال

قال حسن :القابلة أنقذت ولدا آخر من الموت وأخفته في دهاليز القصر وعاش طول عمره يحلم بالانتقام ولقد جاء أخيرا هذا اليوم ثم أخرج عقدا من الذهب وضعه في رقبته

وقال: ألا تذكر هذا العقد فلقد أهديته إلى أمي ليلة عرسها وقف السلطان وصاح في الحرس: أقتلوا هذا الفتى

لكن الوزير قال : هل هذا صحيح يا مولاي ؟

أجاب بحنق : وما يهمك هيا نفذ ما أمرتك به

وقف أحد الحراس بجانب حسن وقال: إذا أقتلوني مع الأمير وبكى كل الحرس وقالوا: نحن أيضا نموت معه فلم نر منه سوى الخير ثم التف حوله الطباخون والخدم،ة والجواري

فصاح السلطان: إذا هي مكيدة وأراد الخروج لكن أحد الخدم جرى وأغلق الباب،

قال السّلطان: لما يرجع رجالي من المدينة سيقتلونكم هتف أحد الرجال : بل أنت من سيموت الأول أيها الظالم،

حان الوقت لتترك العرش لابنك حسن جرى السلطان ناحية النافذة وقال: لن تلمسني أيديكم القذرةوصاح حسن لا تفعل ذلك

لكن أبوه أجابه: إياك أن تقترب مني ثم قفز من النافذة وتحطمت عظامه

جلس الفتى على العرش وقال :افتحوا المخازن وفرقوا القمح عن الجياع وانتشر الخبر فلاحق الناس أعوان السلطان ومحقوهم وأعلن قادة الجيش ولاءهم لحسن ورفعوا الحصار عن نعمان الذي سار في موكب عظيم وهو يفرّق الأموال ويطعم الفقراء

ولمّا وصل إلى القصر عانق أخاه وبايعه على الملك ثم التقى بحبيبته ظريفة وهنأها على سلامتها و فكر قليلا ثم قال سأبقى مع أخي الذي حرمت منه كل هذه السنوات

فرح حسن لما سمع ذلك وقال له: سأعينك قائد الجيش فلا أحد في المملكة له شجاعتك والآن سنجهز لعرسك

فجاء ملك الجن مع قومه ونصبت الموائد وأكل الناس انبسطوا ونست الرعية ما حلّت بها من حرب وجوع سببه الخوف السلطان على العرش

وفي الأخير أنهى حياته بيده وبطلت النبوءة

في الليل جاءت أم حسن لإبنها وقبلته وقالت: كل هذه الفترة إعتقدت أنك قد مت ولما سمعت الخبر لم أصدق نفسى حتى رأيتك فقص عليها حكايته وكيف أشفقت القابلة عليه

ثم قالت له :لقد أخطئت بإبقاء أخيك هنا ومنحته قيادة الجيش ولا تنس أن أبوه إعترف ببنوّته له وأعطاه ولاية العهد وسيأتي اليوم الذي يطالب فيه بحقه وأنت لا تقدر عليه فمعه الجن والبدو وأهل الشمال وأمواله لا حصر لها .

والرأي أن تخلص منه ما دام بين يديك

فكر قليلا ثم أجابها : ما الفرق بينك وبين أبي لا تفكرّون إلا في العرش ونسيتم أننا بشر نريد أن نحيا كغيرنا وأنا لا أعادي أخي من أجل الحكم والله لو أراده لمنحته له

ورجعت لدهليزي الذي عشت فيه أرجوك أمي لقد مات أبي فلا أريد أن أكون مثله وهناك أحد جواري القصر إسمها سارة أريد أن أتزوّجها

فأجابته: إنتظر حتى أختار لك أحد بنات الملوك فتساعدك على توطيد حكمك

لكنه أجاب :ما دام أخي بجانبي فالمملكة بخير ثم أنا لن أتزوج إلا من يحبها قلبي

وتزوج حسن من سارة وأصبحت الفتاة من أعظم الملكات عاش الأخوين في سعادة وتوحدت المملكة وكثر الخير حتى أصبح صاع الشعير بدرهم والتمر والرمان بنصف درهم وصار الجن يتزوجون من الإنس ويحضرون أعراسهم

لقد تعلم الجميع من الأخوين المحبة، فصلحت حالهم

أما أبوهم فأدى به الحقد إلى نهايته وأساء لنفسه ورعيته

………. النهاية

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى