بائعة الرمان – قصة شيقة
بائعة الرمان. 4.
عندما سأل الشيخ مارتا إن كانت تبحث عن شخص محدد من بين الموتى الذين قتلوا على سطح الباخرة قبل يومين؟ إرتعش جسدها فجأة خوفا من الرجل وابتعدت اكثر عنه ظنا منها انه ممن كانوا حاضرين المجزرة او مساعدهم بالاحرى بأي شتى من وسائلهم القذرة في فن التعذيب والقتل.
فشعر الرجل بالخوف الذي إنتاب المرأة ثانية نحوه فطمنها وقال لها انه ليس له علاقة بذلكم الناس الذين قتلوا. وإنما هو مجرد تاجر يشتري البواخر والقوارب التي بها عطب ما. يصلحها ويرممها ويحاول ان ينظفها ويقوم بوضع الطلاء عليها ليجعلها جديدة نوعا ما ثم يبيعها في السوق من جديد..
وقال لها ايضا. أن ارادت ان تسأله كيف علم بالموتى الذين بالطبع قتلوا على السطح الذي تقف عليه مارتا الان؟
اجابها انه ببساطة هو من بين التجار الذين اصبحوا يعرفون جيدا عن هذا الامر الذي شاع ولم يعد مستترا مابين الناس مما يحدث في عرض البحر وضواحيه. فهناك لصوص الحرب. لصوص ينتهزون الحروب التي تقيم على بعض الدول
ليصبحوا فيها مجرمين لاحدود لهم من الإجرام..متمكنين ينتهكون حرمة الناس ويسرقون اموالهم وإن ارادوا ان يقضوا على ارواحهم يفعلون ذلك دون اي رادع يردعهم . فهم يعلمون جيدا ان البلد الذي تقام فيه الحرب لاحكم ولا سلطة عليه و على شعبها حتى تستعيد حريتها من مستعمرها.
وأردف. ومن ذلكم اللصوص يوجد لصوص البحار. يسرقون البواخر والقوارب ويقتلون من فيها ثم تؤخذ تلك البواخر منهم لتصبح ملكا لهم يفعلون بها مايشاؤون فيبيعونها بمال لابأس به.. واخبرها هم كتجار لايسألون من أين لهم هذا؟ بل يسألون بكم يبيعون؟ حتى يتفقون على سعر مناسب يرضي الطرفين ثم كل فرد يذهب لحياته وينام على الجهة التي يرتاح ضميره بها بعد ذلك.
ثم سألها الشيخ مباشرة بعدها كيف إستطاعت ان تنجوا مع طفلتها من هكذا مجرمين؟
فاجابته إنه القدر. مات الجميع ومنهم زوجي وانا بقيت مجرد شاهدة على تلك المجزرة الفظيعة.
تأسف الرجل لمصاب المراة وخاصة انها اصبحت تبكي امامه وتنتحب بحرقة عن موت زوجها وكيف تستطيع ان تعيش مع إبنتها في بلد الحرب دون حماية زوجها لها ودون اي نقود تسد ابسط إحتياج لها و لصغيزتها.فاشفق عليها وطمنها ان لا احد يموت من الجوع.وعرض عليها إن قبلت ان تذهب معه إلى بلده الاصلي وتعيش في بيته الواسع مع زوجته.حتى
تجد عملا وعندما تجمع المال الكافي وتستطيع ان تقف على قدميها تستأجر بعدها منزلا خاصا بهما ثم ترحل حينها.
عندما سمعت مارتا عرض الرجل دبت فيها الروح اخيرا. واحست اول مرة بالراحة معه. وقبلت العرض فورا دون اي تردد ولكن قيدته بشرط ان ترد كل دينه بكل قرش صرفه عليها وعلى إبنتها عندما تجد عملا وتقبض راتبها من خلاله..فأومأ الرجل رأسه بنية الموافقة مصحوبا بإبتسامة عريضة على تفكير المراة وهي في قمة بؤسها لم تنسى كبريائها وعزة
نفسها.. ثم اعلمها ان تستريح قليلا قبل ان يبحر بعد ساعتين تقريبا حتى يتم تنظيف ماتبقى من اسطح الباخرة المتسخة واقترحت مارتا مساعدته حتى ينهيا التنظيف في اقسى سرعة ممكنة قبل ان يحل الظلام.
وبعد ساعة تقريبا إنطلقت الباخرة من جديد معلنة على إبحارها وكأنها تعطي فرصة اخرى لركابها او لمن تبقى من ركابها انه هناك أملا دائما يسري في العروق كلما كان هناك نبض بالقلب فهناك امل بالعيش لحياة كريمة وسعيدة ولما لا؟
وطيلة الطريق كاتت مارتا والشيخ يتعرفا على بعضهما البعض عن اسم بلده مثلا ومالذي يميزها عن باقي البلدان وعن كذلك تفاصيل حياته ومن بينها ان كان له أولاد واحفاد فأجابها حينها انه دون ان يدري ربما رزق بمولود جديد في تلك اللحظة التي إشترى فيها الباخرة وهي الصغيرة فيولا.. فابتسمت حينها مارتا وباركته بالمولودة الجديدة له وأخبرته انه من هذه اللحظة يعتبر فيولا إبنته.
#يتبع
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم 5 في السطر التالي