قصة الأنسية التي تزوجت من الجـ.ـن
بعد انتصار عيقم على جلجامش وإجباره على الاستسلام أمر عيقم بسجن جلجامش وعشتار في قوقعة السلحفاة لمدة أربعون يومًا وقام بتنصيب القعقاع وليًا لعهده ثم أمره أن يجمع أعوان جلجامش المخلصين بحجة أنهم جواسيس ليعدموا بعد ثلاثة أيام حين تتم مبايعة عيقم بالملك في قلعة جلجامش
وصل سامد بجلجامش وعشتار لجزيرة السلاحف يحف بهم الجن من كل جانب كانت الشمس قد بدأت تغرب ليحل ظلام الليل وكان مد البحر عاليًا جدًا
سامد: تحركوا بسرعة فالمد عال جدًا يجب أن نعود بأسرع وقت ممكن
كان مايشغل بال عشتار وهي مكبلة ومعصوبة العينين هو ابنتاها مامصيرهما أما جلجامش فقد كان محطمًا تمامًا لقد خسر سيفه أقوى سيفٍ في أرض الجن الذي كان فخر قبيلته وأسلافه خسر ملكه وقبيلته واصبحوا تحت حكم ملك جائر سيستعبدهم ويستغل ثرواتهم أيما استغلال
وصلوا جميعًا لسلحفاة كبيرة كان يحيط بها عدد من الجن قاموا بربط رقبتها بسلسلة كبيرة وشدها للأعلى حتى لاتستطيع دخول قوقعتها ثم أمر سامد بحل وثاق كل من جلجامش وعشتار وادخالهما لقوقعة السلحفاة
امسك جلجامش بيد عشتار ودخلا لقوقعة السلحفاة ثم أمر سامد بفك السلسلة المحيطة برقبة السلحفاة فماكان منها إلا دخلت داخل قوقعتها مغلقةً هذا السجن الغريب وباتت في سبات عميق
سامد: أخيرًا ارتاح قلبي هيا بنا نعود لديارنا
رحل سامد والجن الذين كانوا معه
كانت عشتار ماتزال ممسكةً بيد جلجامش بقوة
جلجامش بحزن: عشتار تستطيعين نزع عصبة عينيك فلاحاجة لها الآن لايوجد أحدٌ هنا
كانت هذه أول كلمات تسمعها عشتار من جلجامش بعد المعركة كانت تتوقع منه طمأنتها على ابنتيها أو سؤاله عن احوالها على الأقل
لكنه قال هذه الكلمات وعاد في صمته الكئيب مرةً أخرى
اغرورقت عينا عشتار بالدموع ما إن نزعت تلك العصبة لتفاجئ بظلامٍ دامس لم يكن باستطاعتها حتى رؤية يدها
كان المكان مظلمًا جدًا وضيق وحار والرطبة تكاد تكون قاتلة أحست بصعوبة في التنفس وكأنها داخل قبر ثم اخذت تجهش بالبكاء مع سرعة في وتيرة التنفس أملًا أن يواسيها حبيبها أو يحتضنها على الأقل لكن كان حال جلجامش أسوأ من حالها
أخيرًا هدأ روعها بعد ان قطعت الرجاء من مواساة حبيبها لها ثم امسكت كلتا يداه
عشتار: هل ستكون ابنتاي بخير
جلجامش: لاتخافي عليهما إنهما في مكانٍ آمن
عشتار: ماذا عنا نحن الاثنان هل سنظل أربعين يومًا هكذا أكاد اختنق وانا دخلت للتو كيف ساصبر أربعين يوم لا استطيع التحمل لا استطيع
لم يجب جلجامش على سؤالها لكنها أحست أنه يبكي
لأول مرة يبكي زوجها أمامها حاولت وضع يدها على عينه لكنه أشاح بوجهه عنها فاحتضنته قائلةً: مادمت معي ياحبيبي سنتغلب على هذا السجن معًا ونخرج ونقاتل عيقم ونستعيد ملكك لابد من وجود مخرج ما
وضع جلجامش يده فوق رأسه ومسح على جبينها قائلًا: أربعون يومًا خارج قوقعة السلحفاة تعني أربعون سنةً داخلها
أصيبت عشتار بانهيار جراء ماسمعت وكأن عقلها رفض ان يسمع جملة جلجامش الأخيرة
عشتار: ماذا.. ماذا تقول
جلجامش: حين يقترف أحدٌ من الجن جرمًا يقتضي سجنه يسجن داخل قوقعة السلحفاة التي تدخل في سبات عميق مإن يدخل أحد قوقعتها
وداخل قوقعة السلحفاة يسير الزمن ببطء شديد فكل يومٍ يمر خارج القوقعة يعادل سنةً داخلها
صرخت عشتار باكية: أسنظل أربعين سنةً في هذا القبر المظلم أهذا ماتحاول قوله
صمت جلجامش واكتفا بحضنها فما كان منها إلا أن سقطت أرضًا تبكي هول مصيبتها
جلس جلجامش بجانبها وهي تمسح صدرها بيدها باكية وتتنفس بسرعة
عشتار: سأموت ساختنق لا استطيع التنفس لااستطيع المكوث هنا أربعين سنة افعل شيئًا أرجوك أرجوك ياحبيبي أرجوك
احتضنها وهي تضرب بيدها على صدره باكية
اخذت تبكي وتبكي وهي تتنفس بسرعة تكاد تختنق حتى خاف عليها جلجامش من ان تموت فعلًا
امسك جلجامش بعشتار من كتفيها وهزها صارخًا: حبيبتي هدأي من روعك اخاف ان تختنقين من بكائك الدموع لن تحل شيئًا الآن عليك بالصبر
عشتار: كيف سأصبر أربعون سنةً افعل شيئًا ارجوك انت قوي جدًا وتستطيع ضرب هذه السحفاة وقتلها كما فعلت بذلك الاخطبوط ارجوك ياحبيبي حاول اثق بك
جلجامش: لاسبيل للخروج منذ الأزل سُجنت عفاريت ومردة من أقوى الجن لم يستطيعوا الخروج من قوقعة السلحفاة فمحاولة ضربها من الداخل مستحيلة
هدأت عشتار وكأنها اخذت تتأقلم وتتكيف قليلًا: ماذا لو حاول أحدٌ أخراج رأسها من الخارج هل هذا مستحيل أيضًا
جلجامش: اخراجها من الخارج سهل جدًا لكن المشكلة تكمن في أن هذه الجزيرة مليئة بآلاف السلاحف النائمة حتى وإن كان أحدٌ باستطاعته مساعدتنا لن يكون بإمكانه التعرف على السلحفاة التي نحن بداخلها فالسلاحف جميعها تتشابه علاوة على ذلك حين يوضع أحد داخل سلحفاة يتم بعثرة السلاحف جميعًا حتى سامد وجنده لايستطيعون معرفة أي سلحفاة نوجد فيها الآن
عشتار بيأس: إذن لن نخرج من هنا لماذا سجن الجن هكذا؟
جلجامش: أربعون سنةً هي لاشيء مقارنةً بأعمار الجن التي تصل لمئات السنين ليس كبني البشر
عشتار بحسرة وهي تضرب على رأسها: وهذه هي المصيبة سأشيخ في ظلام
زهرة شبابي سأقضيها في قبر إن هذا لظلم شديد
وضعت عشتار رأسها على صدر جلجامش وهي تبكي بصمت
جلجامش: سامحيني ياحبيبتي أنا السبب
فجأة سمعت صوت رفرفرة مألوف
نظرت للأعلى وصرخت بفرح: كابوووووووس
كان الظلام حالكًا لكن لسبب ما استطاعت رؤية صديقها الواطواط كابوس الذي كان يحلق فوق رأسها
جلجامش: آه عدنا لكابوسك هذا ماكان ينقصنا
عشتار: حبيبي لقد أخبرتك من قبل أنك لاتستطيع رؤيته لقد كان هو من أفاقك حين سقطت من الجسر وكان له الفضل في إنقاذ حياتي
لم يشأ جلجامش أن يجادلها فإن كان هذيانها بهذا الكابوس سيؤنسها لاضير منه
عشتار: أين ذهبت ياكابوس وتركت صديقتك
كابوس: حين التم شملك بعائلتك عم الفرح والسرور في قلبك فذهبت أبحث الحزن في مكان آخر لكن الآن حين عاد لك حزنك عدت معه
عشتار: لقد جئت في وقتك ياصديقي نحتاج مساعدتك
كابوس: إن كان هنالك حزنٌ في المساعدة لامشكلة
عشتار: أنت تعلم انني مسجونةٌ في قوقعة هذه السلحفاة ولا استطيع أن أخرج إلا إن استفاقت هل تستطيع افزاعها بكابوسٍ ما
كابوس: امممم لا أعلم فاختلاف وتيرة الزمن داخل القوقعة وخارجها قد يؤثر على قدراتي
عشتار: أليس المكان والزمان يعلقان في الأحلام ويصبحان عاطلان عن العمل
كابوس: لاضير من المحاولة لكن هنالك مشكلتان
عشتار: ماهما؟
كابوس: المشكلة الأولى أن هذه سلحفاة وليست جني
عشتار: حاول ياصديقي قد تنجح لن تخسر شيئًا أنت أملي الوحيد
كابوس: لاتقلقي سأحاول لكن المشكلة الثانية هي المعضلة
عشتار: وماهي؟
كابوس: حين تخاف السلحفاة فإنها تختبئ في قوقعتها وسلحفاتكم مختبئةٌ سلفًا ونهاية الحلم هي مايحدد بدايته
عشتار: ماذا تقصد
كابوس: أعني ماهو الحلم المفزع الذي استطيع بثه في مخيلة السلحفاة من شأنه أن يجعلها تخرج من قوقعتها بدل أن تختبئ فيها
أحست عشتار بالحيرة
عشتار: جلجامش ماهو الشيء الذي يخيف السلحفاة ويجعلها تخرج من قوقعتها بدل أن تختبئ فيها
جلجامش: لماذا هذا السؤال
عشتار: فقط فكر صديقي كابوس سيساعدنا لنهرب من هذا السجن
جلجامش: حبيبتي إنك كمن يبني قصرًا في الرمال لاوجود لهذا الوطواط إنه من وحي مخيلتك والديل على ذلك أنه يظهر حين تحسين بالحزن والخوف فتهذين به إنه كابوسك وليس كابوس جن
عشتار: أرجوك ياحبيبي ثق بي سأخرجك من هنا
جلجامش: آه لا أدري ما أقول يبدو أنه لافائدة من محاولة إقناعك.. حسنًا فقط لأثبت لك أنه لاوجود لهذا الكابوس لنفرض أن السلحفاة حلمت أنها فوق حافة جبل وأن هذه الحافة توشك على الانهيار لابد لها من أن تخرج من قوقعتها لتهرب لمكانٍ آمن
عشتار بفرح: صحيح إنها فكرةٌ ممتازة مارأيك ياكابوس
كابوس: سأحاول انتظري
ذهب كابوس وساد الهدوء من جديد لكن بأمل وليس بحزن
انتظرت عشتار كثيرًا ولكن دون جدوى
جلجامش:حبيبتي هل اقتنعتي الآن أضغاث أحلام أو غير ذلك لاتقلقي ياحبيبتي أنا معك ولن أتركك أبدًا حتى إن شختي هنا لن يكون باستطاعتي رؤيتك فالظلام حالك جدا
عشتار: لن أشيخ هنا انتظر وسترى
مضا وقت طويل ولم يحدث أي شيء
كادت عشتار أن تشك في عقلها ولكن فجأةً حدثت هزة في أرجاء المكان وفتح ذلك السجن
نهض جلجامش مذهولًا
عشتار بفرح عظيم: هيا لنخرج بسرعة هيا ألم أقل لك سأخرجك من هنا
خرج الاثنان أخيرًا من السلحفاة ووقفا أمامها
اخذت عشتار نفسًا عميقًا تستنشق الهواء المنعش البارد
عشتار: آااااه ماأجمل الحياة ألم أقل لك سأخرجك هل صدقت بوجود كابوس الآن
لكن صوتًا من خلفها فاجأها
“أمسكت بك”
“لقد اكتمل القمر”
أدارت عشتار وجهها لتنظر من كان ممسكًا بها وكانت المفاجأة
السعلاة..
قالت عشتار في نفسها ” لقد نسيت أن القمر قد اكتمل الليلة لهذا كان مد البحر عاليا جدا حين وصلنا للجزيرة”
بسرعة وقف جلجامش بين السعلاة وعشتار
جلجامش: ماذا تريدين أيتها السعلاة
السعلاة: بيني وبين هذه الإنسية عهد وقد حان آوانه فقد اكتمل القمر الليلة هل كنت تعتقدين إن بإمكانك الاختباء عني ههه من يشرب مائي استطيع تحديد موقعه ولو كان تحت سابع أرض
عشتار: وكيف ذلك!
لتكملة قراءة القصة اضغط على الرقم 16 في السطر التالي 👇